علوم الطاقة الحيوية .......للكاتب السوري أيمن محمد الزاقوت

الجزء الاول
علوم الطاقة الروحية
لاشكَّ أن محتوى هذه الدراسات سيكون عويصاً بعض الشيء لمن لم يألف هذا النوع من الأبحاث
لكنها ستكون المحرض للإنسان الباحث في الاسرار ليتجرد من الحرف ويعتنق الروح فيبدا بالسير على الدرب الطاقي الصحيح .
لم يَكنِ الإنسان يتساءل عن المغزى من وجوده في هذا الكون الشاسع ، ولِمَ قُدِّر عليه البقاء ضمن دائرة مبهمة من التساؤلات التي لم يجد لها جواباً شافياً و من هذه التساؤلات ما يتعلق بعلَّة اضطراره إلى مغادرة هذا العالم "قسراً عنه" عند اقتراب هذا الشيء المدعو بـ"الموت"، ليطبِّق عليه قوانينه "غير المنطقية" التي لا ترحم ، ففي رحاب هذا الكون المترامي الأطراف نشهد موت الأشياء كلِّها ، بدءاً من النبتة الصغيرة إلى الإنسان، امتداداً إلى موت النجوم نفسها ، وندرك أنه عاجلاً أم آجلاً، لا مفرَّ لنا من تجرُّع هذه الكأس المُرَّة حتى آخر قطرة ، مستسلمين للقدر الذي يبدو لنا وكأنه يعبث بمصيرنا ، ويطيح كلَّ قوانين "المنطق" التي اعتدنا عليها ، لكأننا – في جهلنا – نريد أن نطبِّق هذه القوانين التي اخترعناها على الموت نفسه! ..... ولكن الكون الذي يسير حسب القانون الكلِّي الواحد ، بتناغم وتوازن ، يتيح للموت أن يبقى صامتاً ، صمت أبي الهول ، أمام توسلاتنا بأن يتركنا "هنا" ويرحل عنا بعيداً.
إن ضيق أفق الإنسان يجعل منه شبيهاً بالبطل الأسطوري سيزيف الذي لا ينفك يدفع حتى قمة الجبل بالصخرة ، التي لا تلبث أن تعود للانحدار إلى الأسفل ، ليبدأ سيزيف محاولته من جديد للارتقاء بها إلى الأعلى ، فيتكرر سقوطها ، وهكذا دواليك في دوائر أبدية مغلقة ، ولكن سرعان ما يتبين لنا – وكلُّنا سيزيف – استحالة تحقيق هذا الأمر ما دمنا نعتبر أن الصخرة منفصلة عن الجبل.
في أوقات التعب والإرهاق ، وفي لحظات الصمت ، يبدأ الإنسان بالتفكير من جديد في الوسيلة المثلى للانتصار على الموت ، وهنا الخطيئة المميتة التي يرتكبها أغلب البشر، فالموت لم يكن – ولن يكون أبداً – عدوَّ للإنسان ، بل هو جزء من النظام الكوني الذي وضعه الإله المطلق ليساعدنا على الوصول إلى الانعتاق من دائرة الوجود ، دائرة الولادة والموت المتكرِّرة التي يطلق عليها الهندوس اسم سمسارا , فكل ما هو موجود في الكون المتجلِّي خاضعٌ لمبدأ الثنائية ، لمبدأ السلب والإيجاب ، لمبدأ الخير والشر، لمبدأ الحياة والموت، لمبدأ النور والظلمة ، لمبدأ الرحمن والشيطان ، فبدون هذه الثنائية لا يمكن للحياة أن تستمر، وبالتالي لن يفهم الإنسان نفسه ، ولن يفهم الكون المحيط به ، وسيبقى خاضعاً للمؤثرات الخارجية التي تتلاعب به ، وسيزداد مفهوم الانفصالية بينه وبين الكون الذي يحيا فيه ، مما سيولد فيه الإحساس بالعبثية ، كما أشار إليها الفيلسوف الفرنسي ألبير كامو في روايته الغريب L’étranger
يفجعنا نبأ موت صديق عزيز علينا ، ونبدأ بالتذمر من قسوة ذاك "الإله" الذي لا يتورع عن انتزاع طفل رضيع من بين ذراعي والدته ، ويترك تلك الأم الثكلى تكفكف دموعها طوال حياتها وقد فقدت كل أمل بعودة الأشياء كما كانت سابقاً ، ونبكي صديقاً فارقنا من هذه الحياة بشكل مفاجئ – وكأننا نحن باقون للأبد!
ونلوم الإله الذي يتلاعب بنا وبأحبائنا ، ولكننا سرعان ما ننسى الأمر برمته تحت وطأة مشاغلنا اليومية واهتماماتنا المادية التي نتعلق بها بأنيابنا وأظافرنا ، معتقدين أنها الضمانة الوحيدة لبقائنا سعداء في هذه الحياة ، فننسى كل ما يتعلق بالموت لأننا نعتقد أنه بلية لا يُبتلى بها إلا الآخرون !
ما هو الموت؟ سؤال يتكرر على ألسنة الكبار والصغار، الأغنياء والفقراء ، الصالحين والطالحين، لأن الجميع معني بالأمر، ولا يفيد شيئاً اتباع سياسة النعامة والتغاضي عن التفكُّر بالموضوع بهدوء وتعقل بل بالأحرى يجب علينا التأمل بالعالم المحيط بنا لكي ندرك أنه لا يوجد شيء عبثي أو مصادفة في الكون ، بل قانون أزلي ، سرمدي ، يوجِّه وينظم الحياة بدقة في كل مستوياتها.
هذا القانون لا يعرف الخطأ ولا يستجيب لشفاعة قديس ولا لصلاة ، وفهمنا له يتيح لنا تقبُّل فكرة الموت واعتباره بوابة رئيسية للوصول إلى الانعتاق من هذه الدورة التجسدية المتكرِّرة المدعوة سمسارا ، وانتفاء الحاجة بعده إلى إلقاء اللوم على الإله الكلِّي الرحمة بسبب أخطائنا ، وإدراكنا ، بالتالي أن آلامنا ما هي إلا نتائج لأفعالنا ، الواعية وغير الواعية ، ضمن سياق صيرورة الوجود الكلِّية.
ونعود للتساؤل من جديد : كيف نفهم الموت وأسراره ؟ لاشكَّ أنه سؤال مشروع وللإجابة عليه ، علينا معرفة الكون وتجلِّياته ، وكيفية انبثاقه من المطلق ، وماهية القوانين التي تسري فيه وتوجِّهه ، بكل مستوياته ، العليا والدنيا ، المنظورة وغير المنظورة , فالحكمة الهرمسية القديمة لا يزال يُسمَع صداها:  كما في الأعلى كذلك في الأدنى .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التــايـتـانـيك..أذكى جريمة في التاريخ

برمجة الذات